مكتبة مدبولي: منبع الثقافة ومزار عشاق روايات نجيب محفوظ وكل اللي بيدور على أي حاجة
مكتبة مدبولي: منبع الثقافة ومزار عشاق روايات نجيب محفوظ وكل اللي بيدور على "أي حاجة"
في قلب وسط البلد بالقاهرة، وتحديدًا في شارع طلعت حرب العريق، تقف مكتبة
مدبولي كأحد أبرز المعالم الثقافية التي شهدت على أجيال من القرّاء،
والكتّاب، والمثقفين. لا يوجد قارئ مصري حقيقي لم يمر يوماً من أمام واجهة
مدبولي، أو لم يتجول بين رفوفها باحثًا عن كتاب نادر، أو حتى عن "أي حاجه"
يقرأها على كوب شاي في إحدى مقاهي وسط البلد.
مكتبة مدبولي: تاريخ من العطاء الثقافي
تأسست مكتبة مدبولي في خمسينيات القرن الماضي على يد الحاج مدبولي،
الذي لم يكن مجرد بائع كتب، بل كان موسوعة تمشي على الأرض. كان يعرف الكتب
والمؤلفين والطبعات، وكان يرشح للناس ما يناسبهم، سواء كانوا طلاب علم أو
عشاق رواية أو حتى قراء عاديين عاوزين يقروا "أي حاجه" تسليهم وتثقفهم.
بمرور الوقت، تحولت المكتبة إلى أكثر من مجرد محل لبيع الكتب، وأصبحت
مركزًا للحركة الفكرية والثقافية، يلتقي فيه الأدباء والصحفيون والطلاب،
وتُناقش فيه الأفكار والاتجاهات، وتُصنع فيه صداقات أدبية خالدة.
روايات نجيب محفوظ: أيقونة في رفوف مدبولي
من المستحيل الحديث عن مكتبة مدبولي دون ذكر روايات نجيب محفوظ
، ابن القاهرة وابن الحارة المصرية الذي عبّر عن المجتمع بكل طبقاته
وتفاصيله. محفوظ لم يكن فقط كاتبًا نوبليًا، بل كان مرآة مصر في القرن
العشرين.
من الثلاثية الخالدة (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) إلى روايات مثل
"زقاق المدق"، "اللص والكلاب"، و"أولاد حارتنا"، كانت رواياته تُعرض دائمًا
في الصفوف الأمامية في مكتبة مدبولي، ويحرص القراء على اقتنائها بمجرد
صدورها أو إعادة طبعها.
بل إن كثيرًا من القراء الذين يمرون على المكتبة كانوا يدخلونها وهم لا
يعرفون بالضبط ما يريدون، ثم يسألون ببساطة: "عندكم أي حاجه لنجيب محفوظ؟"
فيُرشح لهم البائع ما يناسبهم، وربما يفتح لهم بابًا لعالم أدبي لم يعرفوه
من قبل.
لما تبقى مش عارف عايز تقرأ إيه… مكتبة مدبولي عندها اي حاجه
من المواقف اللطيفة المنتشرة عن المكتبة أن الزبائن أحيانًا يدخلون
ويقولون: "أنا عايز كتاب... أي حاجه حلوة تقرأ"، وهنا يظهر دور المكتبة
الفريد. فسواء كنت مهتمًا بالأدب، أو الفلسفة، أو التاريخ، أو حتى كتب
التنمية البشرية، فستجد عند مدبولي ما يُرضي فضولك.
هذه العبارة – "أي حاجه" – تعبر عن جوهر المكتبة؛ فهي ليست فقط متجرًا لبيع
الكتب، بل هي كنز من المعرفة المفتوحة لمن يبحث، حتى وإن لم يكن يعرف ماذا
يريد بالضبط.
مكتبة مدبولي وجمهورها الوفي
رغم التغيرات اللي حصلت في سوق الكتب وانتشار الإنترنت والمكتبات
الإلكترونية، إلا أن مكتبة مدبولي ما زالت محافظة على مكانتها. ناس كتير
بتيجي مخصوص من مناطق بعيدة علشان تزور المكتبة، لأنهم عارفين إنهم هيلاقوا
هناك كتب نادرة، طبعات أصلية، أو حتى لمجرد الاستمتاع برائحة الكتب
القديمة، والتجول وسط التاريخ.
وحتى بعد توسع المكتبة وفتح فروع في أماكن زي مدينة نصر، بيظل الفرع
الرئيسي في وسط البلد هو الروح الحقيقية للمكان، واللي بيجمع عليه كل محبي
الكتب في مصر.
مدبولي في زمن الرقمنة
في العصر الحالي، بدأت مكتبة مدبولي تواكب التكنولوجيا ببطء، فبعض أعمالها
بدأت تظهر في المتاجر الإلكترونية أو صفحات الفيسبوك. لكن لا يزال معظم
زوار المكتبة يحبون التجربة التقليدية: يدخلوا، يلفوا، يسألوا، يختاروا
كتاب بإيدهم، ويمشوا بيه وهم حاسين إنهم خرجوا بحاجة قيمة من الزمن الجميل.
مكتبة لكل المصريين
في النهاية، مكتبة مدبولي
ليست فقط محل كتب، بل هي جزء من الذاكرة الثقافية لمصر. هي المكان اللي
تقدر تدخله وتقول "أنا عايز أي حاجه"، وتطلع منه بحكاية كاملة، أو رواية من
روايات نجيب محفوظ تغيرلك نظرتك للحياة، أو حتى فكرة بسيطة تفتحلك باب
جديد للفهم.
لو ما زرتش مكتبة مدبولي قبل كده، يبقى لازم تروح. ولو زرتها من زمان، يبقى
لازم ترجع. لأنك دايمًا هتلاقي عندهم أي حاجه تستحق إنك تقراها.
تعليقات
إرسال تعليق